من هو المشتبك عارف القدومي؟ / تصوير: شادي جرارعة |
شارك نيوز- من القتال بالحجر وتقدم صفوف المسيرات الشعبية إلى الاشتباك بالبندقية وصولاً للشهادة، وما بينهما محطاتٌ قاسيةٌ وحافلة بالأحداث، ما بين اعتقالٍ في السجون الإسرائيلية، وإصابةٌ بالرصاص.. هذه هي حكاية الشهيد المشتبك عارف القدومي الذي استشهد بمخيم جنين في شهر شباط 2024، فمن هو؟.
"القدومي" والمقاومة الشعبية
عارف مروان عارف علي، هو الاسم الحقيقي للشاب المطارد، الذي استشهد في مخيم جنين خلال شهر شباط 2024، واشتهر باسم "عارف القدومي"، وبالمناسبة فإن عدداً لا بأس به من أبناء القرى والبلدات الفلسطينية يحبذون إطلاق اسم مسقط رأسهم على نهاية أسمائهم بدلاً من عائلاتهم الأصلية في السجل المدني أو البطاقة الشخصية، كفر قدوم شرق قلقيلية مثلاً، يفضل أبناؤها مناداتهم باسم "القدومي" نسبة لكفر قدوم.
يبلغ عارف القدومي من العمر (25 سنة)، نشِط عارف في بدايات عمله النضالي ضمن مسيرة كفر قدوم الأسبوعية، وهي مسيرة شعبية سلمية انطلقت قبل 13 عاماً، للمطالبة بفتح مدخل القرية الرئيسي الذي أغلقه الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى. تخرج المسيرة كل يوم جمعة أسبوعياً وتبدأ بالهتافات ورفع الأعلام وإشعال الإطارات المطاطية مقابل مستوطنة "كدوميم"، ثم يقمعها جيش الاحتلال فتتحول إلى ساحة مواجهات شعبية، حيث يستخدم الشبان الفلسطينيون الحجارة وأدوات مقاومة سلمية وشعبية.
تطالب المسيرة بإعادة فتح الطريق الذي استولى عليه الاحتلال لصالح مستوطنة "كدوميم"، وهذا الطريق هو المدخل الرئيسي للقرية للتوجه نحو مدينة نابلس وطولكرم وجنين وغيرهما، حيث يوفر وقتاً كبيراً عن الطريق الذي يسلكه الفلسطينيون الآن بعد الإغلاق، وقدمت كفر قدوم خلال المسيرة عدداً من الشهداء ومئات الجرحى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية.
كان عارف القدومي يتقدم الصفوف بحجارته ومقلاعه في المسيرة لسنوات طويلة، وأصيب برصاص الاحتلال إثر ذلك، واعتقل في سجونه.
عارف القدومي خلال مواجهات المسيرة في كفر قدوم |
عملية إماتين
مع نشوب الحرب في غزة، امتشق عارف مروان القدومي سلاحه ليلاً وتوجه لتنفيذ عملية إطلاق نار في نوفمبر 2023، حيث أصاب بالرصاص مركبة إسرائيلية قرب قرية إماتين شرق قلقيلية وتقع على الطريق بين نابلس وقلقيلية.
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية آنذاك، أن العملية استهدفت مركبة يستقلها جندي احتياط إسرائيلي ولم يُصب بجراح، ولكن هذه المنطقة الهادئة منذ مدة ولم تقع فيها عمليات إطلاق نار، دفعت "إسرائيل" على ما يبدو للنظر بخطورة إلى هذه العملية، فشرعت بحملة اقتحامات استهدفت بلدات وقرى في شرق قلقيلية وجنوب طولكرم.
في النهاية تمكنت من الوصول لحل اللغز وكشفت هوية منفذ العملية وهو عارف القدومي، حيث داهمت قوات الجيش منزل عائلته ولم تجده فيه، وأصبح مطلوباً للشاباك الإسرائيلي أو "مطارداً" كما يحبذ الفلسطينيون تسمية المقاتل المطلوب.بعد أشهر، فوجئ الفلسطينيون أن عارف وصل من قلقيلية إلى مخيم جنين وكان يتحصن بداخله، حيث اقتحمت قوة خاصة إسرائيلية المخيم وكان الهدف اغتيال أو تصفية عارف، وشهدت جنين ومخيمها ليلة طويلة من الاشتباكات العنيفة بين المقاتلين الفلسطينيين وجيش الاحتلال، بعد اكتشاف القوة الخاصة الإسرائيلية المقتحمة، وفي نهاية الليلة عَثر الفلسطينيون على جثمان الشهيد عارف القدومي الذي ارتقى مشتبكاً مع الجنود.
اللقاء المصور الوحيد مع عارف القدومي
ينتمي عارف مروان عارف القدومي لحركة فتح منذ نعومة أظفاره، وشارك في نشاطاتها بشكل فاعل، ويقول القدومي في مقابلة مصوّرة: "لا يوجد خيار أمامنا إلا الكفاح المسلح أو المقاومة طالما بقي الاحتلال موجوداً"، وأضاف: "الجيش لما بطخ عليّ.. لأ أنا بدي أطخ عليه، ونحن مستعدون للعمل من أجل الله مع كل الأخوة في فصائل المقاومة".
وحول نظرته للفصائل والتنظيمات الفلسطينية، يرى الشهيد عارف القدومي أن "الفصائل هي وسيلة وليست غاية، والجميع يعمل من أجل الله".
أما بالنسبة لمشاركته في المقاومة السلمية، يشير عارف إلى أن "المقاومة السلمية في الظروف التي كانت راهنة سابقاً هي تعبير عن الرفض للاحتلال وإيصال رسالة، وهذا الخيار يكون عندما لا تمتلك قدرة وإمكانية للمقاومة بالسلاح".
يواصل عارف: "بالنسبة لي شخصياً، أرفض وجود الاحتلال على أرض فلسطين ولا أقبل مقاومته بالحجر، بل بكل الوسائل المتاحة بما فيها البندقية، ويجب أن يكون الرد على الاحتلال بنفس الوسائل التي يقاتلنا بها".